هل تم الاتفاق النهائي الذي يؤول إلى انتقال الإسباني فرناندو الونسو، سائق رينو، إلى حظيرة فيراري الإيطالية، وعودة الفنلندي كيمي رايكونن، سائق فريق "الحصان الجامح"، إلى ماكلارين مرسيدس؟
خلال الأسبوع الجاري، وقع "بنك سانتاندر" الاسباني عقد رعايته لفيراري، أعرق الفرق المشاركة في بطولة العالم لسباقات سيارات فورمولا وان، بعد أن كان مرتبطاً منذ عام 2007 بماكلارين، ولعل أول مفاعيل الاتفاق الجديد يتمثل في ضرورة اعتمار الونسو، ابن البلد، خوذة "الفريق الأحمر".
بيد أن المسألة لا تبدو بهذه السهولة وقد تستلزم بعض الوقت وتحديداً حتى 2011، العام الذي يصل فيه العقدان بين فيراري وسائقيه، رايكونن وزميله البرازيلي فيليبي ماسا، إلى خواتيمهما.
المؤشرات تؤكد أن الفنلندي هو من سيدفع الثمن ويخسر بالتالي مقعده لصالح الونسو، غير أن رايكونن، أحد أعلى السائقين أجراً في عالم فورمولا وان حالياً، لا يبدو مستعداً للتضحية بعقده القيم خصوصاً أنه لا يشتمل على بند يؤهل فيراري إقصاءه بالقوة، كما أن "عصيان" السائق تعزز بفضل نتائج باهرة حققها في الآونة الأخيرة، لعل أبرزها ذاك الفوز المستحق الذي سطره في سباق جائزة بلجيكا الكبرى، الجولة الثانية عشرة من السلسلة، على حلبة "سبا فرانكورشان، في 30 آب/أغسطس الماضي، إلى جانب ظهوره في أكثر من مناسبة على منصة التتويج، ما بدد موقفه الحرج ودفعه إلى الإعلان بثقة: "لدي عقد مع فيراري للموسم المقبل. ولو لم أكن أرغب في خوض غمار بطولة 2010 مع فيراري، لما كنت وقعت عقدي معه بالأساس".
أمام هذا الواقع، تجد "الحظيرة الحمراء" نفسها في مأزق حرج خصوصاً أن علاقتها برايكونن لم تكن حميمة يوماً رغم تتويج الأخير بطلاً للعالم بـ"الزي الأحمر" عام 2007، أضف إلى ذلك أن "الرجل الجليدي" لا يحظى بالشعبية المطلوبة بين أنصار الفريق، كما يشوب الفتور علاقته بوسائل الإعلام الإيطالية كونه يفتقد إلى عنصري العاطفة والحماس اللذين يمثلان شرطا أساسيا لدى أي سائق برتبط اسمه بفيراري، وهو العامل الذي يجمع المتابعون على أنه متوافر في شخص الونسو، بطل العالم مع رينو عامي 2005 و2006.
مصادرة قريبة من أجواء العقد المزعوم بين "بنك سانتاندر" وفيراري كشفت أن الطرفين التزما ضمنيا بنقل الونسو ابتداء من عام 2010 إلى حظيرة "الحصان الجامح" ليزامل ماسا، على أن يعود رايكونن إلى ماكلارين مرسيدس ليحل مكان مواطنه هايكي كوفالاينن الذي لم يحقق النتائج المرجوة في ظل التفوق الواضح لزميله الحالي الانكليزي لويس هاميلتون، بطل العالم 2008، والذي يبدو "ممنوعاً من الصرف" في معادلة الفريق البريطاني - الألماني المستقبلية.
وكان "بنك سانتاندر" أكد في 14 أيلول/سبتمبر الجاري التزامه بعقد رعاية ماكلارين في 2010، بعد أيام قليلة على تسرب نبأ ارتباطه بفيراري، الأمر الذي فرض نوعا من الغموض على المشهد العام إلا أنه أكّد في المقابل أن الأطراف كافة ستخرج من المعمعة بكسب ما، إذ يبدو الونسو في طريقه إلى فيراري، كما هو متوقع، عام 2010 على أن ينتقل رايكونن بعقد إعارة، على منوال لاعبي كرة القدم، إلى ماكلارين.
وفي هذه الحال، يتكفل "بنك سانتاندر" بسداد مبلغ 10 ملايين دولار أميركي إلى السائق الفنلندي كتعويض له عن رحيله المفترض من فيراري، الأمر الذي سيبقيه بالتالي ضمن لائحة أعلى السائقين أجراً.
من جهته، سيكون فريق فيراري سعيداً بالحصول على خدمات الونسو بعد فترة طويلة من الأخذ والرد على هذا الصعيد.
أما ماكلارين فسيسعد بعودة رايكونن الذي يحظى باحترام كبير في الفريق البريطاني - الألماني على خلفية السنوات العدة التي أمضاها في عداده، كما تبدو عودته مرحبا بها من قبل هاميلتون، زميله السابق في ماكلارين.
وكان تقرير صحافي كشف أن إعلامياً فنلندياً حاول حشر الإيطالي ستيفانو دومينيكالي، مدير فريق فيراري، بعد أن طلب منه تأكيد استمرار رايكونن في مارانيللو عام 2010، فجاء الجواب على نحو مبهم: "أعتقد، كما سبق لنا القول، أننا لا نرغب في التحدث عن الموضوع في الوقت الراهن لأن ذلك لن يكون مناسبا".
وما عزز قرب انتقال الونسو إلى فيراري تمثل في ما أكده خوان مانويل سيندويا، نائب المدير التنفيذي لقطاع التسويق في "بنك سانتاندر" خلال الشهر الماضي: "أفضل بنك في العالم. أفضل فريق في العالم. أفضل سائق في العالم. لا شك في أنه الاتحاد - الحلم".
وفي الشهر نفسه، أطلق رايكونن تصريحا من خلال صحيفة "دايلي ميرور" البريطانية يتناقض مع نواياه الحالية حين قال: "إذا لم أكن في عداد فريق فيراري في الموسم المقبل لأي سبب من الأسباب، فإني على يقين بأنه سيكون لي مقعد في فريق آخر. لا وجود لمشكلة على هذا الصعيد. هناك فرق أخرى تسعى للحصول عل خدماتي".
بعد سباق جائزة أوروبا الكبرى (فانسيا)، في الجولة الحادية عشرة من بطولة العالم، نقلت هيئة الإذاعة البريطانية عن مارتن ويتمارش، المدير التنفيذي لفريق ماكلارين مرسيدس، قوله: "نجح كيمي في رفع أسهمه بشكل لافت في الآونة الأخيرة في الوقت الذي أثبت فيه كوفالاينن أنه سائق جيد غير أنه لم يرتق مطلقاً إلى مستوى التوقعات".
وخلال السباق البلجيكي، ألمح ويتمارش إلى أن صفقة الونسو/فيراري تمت، قبل أن يعود ليتراجع عن تصريحاته بعد أيام نتيجة تدخل دومينيكالي.
حتى الساعة، تبقى مسألة انتقال الونسو إلى فيراري وعودة رايكونن إلى ماكلارين مرسيدس مجرد احتمال إلى أن يجري توقيع العقود الملزمة رغم أن المؤشرات ذي الصلة تؤكد أن إعلاناً مفصلياً في هذا الخصوص سيجري كشف النقاب عنه خلال أو ربما بعد سباق جائزة أبو ظبي الكبرى، الجولة السابعة عشرة الأخيرة من بطولة العالم والمقررة في الأوّل من تشربن الثاني/نوفمبر 2009.